هو زين الدين عمر المعروف بابن الوردي ، ولد بمعمرة النعمان عام 689هـ ،
نهل من علوم اللغة فأخذ منها القسط الوافر ، كتب في التاريخ و النحو و نظم
الشعر ، توفي عام 749هـ .
اكتشاف معطيات النص
في
هذا النص يدعو الشاعر إلى ضرورة التفكر و تقوى الله تعالى ، و من خلال
خطاب الشاعر إلى ابنه فقد كان يخاطب أفراد الجماعة وفي أثناء ذلك ذكّرنا
ابن الوردي بالموت و يوم البعث و الحساب كما ذكرنا بنهاية و مصير الجبابرة ،
ويظهر الحس الديني في هذه الأبيات قويًا من خلال تشخيصه و تجسيده لبعض
المعاني في صور بيانية مثل: "كتب الموت على الخلق" ، "اطرح الدنيـا" و هي
استعارة مكنية حيث شبه الدنيا بالشيء الملموس ثم حذف المشبه به و جاء بشيء
من لوازمه و هو "اطرح" على سبيل الاستعارة ، و قد تضمنت وصايا الشاعر
توجيهات خلقية كقول الحق و الدعوة إلى حسن النية و القصد في العمل و اعتزال
مجالس اللهو و الطرب و التزام الجد و الحزم و إتقان العمل ، غلى جانب
توجيهات دينية كالدعوة إلى تقوى الله و طاعته و الإيمان بيوم البعث و الموت
و الحساب .
مناقشة معطيات النص
اعتمد ابن الوردي في توجيهه و
تعليمه أسلوب التلقين الذي بدا مفيدًا ناجعًا لأنه ينقل للمستمع أمثلة من
الواقع تجعله يقف عند الحقيقة فيراها مشخصة في نماذج و صور عديدة و متنوعة ،
و قد جاء خطاب الفرد فيها مفيدًا لأن كل من يقرأه يحس و يشعر بأن الشاعر
يخاطبه لذاته و يستنهض فيه روح الإيمان و تقوى الله فيصلح العطب و يقوِّمُ
الاعوجاج في ذاته و سلوكياته و يضعه على جادة الصواب ، و هذه التوجيهات
صالحة لكل زمان و مكان لأنها لا تخص بيئة معينة بل هي متصلة بحقيقة الحياة و
سننها عبر الأزمنة .
تحديد بنـاء النص
تراوحت أساليب النص بين
التقرير كما في البيت السادس و العاشر و الثاني عشر و التوجيه و التقرير
كما في البيت الثاني ، فجعل التقرير حجة لتشويق القارئ على الأخذ بها ، وقد
نبّه الشاعر إلى بعض الظواهر الاجتماعية كالتمسك الأعمى بالدنيا و شهواتها
الذي يفقد المرء إنسانيته فيعيش فيها كالجاهل ، و ظاهرة أخرى تتجلى في طلب
العلم على اعتبار أنه باب يرتقي بالإنسان إلى تقوى الله و الانفتاح على
حقيقة الحياة و الشعور بلذة فعل الخير و المعروف .
اتفحص الاتساق و الانسجام
لجـأ
الشاعر في توجيهاته إلى ترتيب تعليماته و نصائحه على الصعيد الخلقي غير
أنه يمكننا أن نقدم و تأخر فيها دون أن يختلّ المعنى ، لأنه في مثل هذه
التوجيهات لا يحتكم الشاعر إلى الترتيب
وقد استعان الشاعر بجملة من
أساليب الإقناع معتمدًا في ذلك على الحجة و البرهان و يتجلى ذلك للنصيحة و
النتيجة التي تؤول إليها كما في البيت الثاني و البيت الحادي عشر ، و قد
جاءت أفكار النص متلاحمة فيما بينها مخالفة لما عرف به الشعر العربي في
العصر الجاهلي الذي امتد إلى بعض العصر العباسي و الذي يعتمد على وحدة
البيت ، إذ لا نجد بيتًا مستقلاً بمعناه إلا في البيت الأخير، وقد بدت نزعة
الشاعر الدينية الداعية إلى الزهـد و التفكر فيما بعد الموت
منقول
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق
مرحبا، شكرا لك عزيزي الزائر على إكمال قراءة الموضوع، نرجو منك ترك انطباعك في التعليقات.