فلسفة: اللغة والفكر مقالات + فيديو هات

0

 علاقة اللغة  بالفكر

 مقدمة :  يعتبر موضوع اللغة من المفاهيم الشائكة والمعقدة نظرا لما تطرحه من قضايا جدلية فهي ترتبط بدراسات نفسية من جهة ومن دراسات فيزيولوجية من جهة أخرى ، وعلى هذا النحو اختلف الفلاسفة في تعريف اللغة إذ كان فيلسوف يعرفها حسب مفهومه الخاص إلا أنهم اجمعوا على أن اللغة قد تكون رموز وإشارات قصد التفاهم وقد تكون ألفاظ منتظمة لها دلالات معينة ،  ومن بين المواضيع المعقدة التي أثارت اهتماماتنا هي علاقة اللغة بالفكر ذلك الفكر الذي هو عبارة عن معاني وتصورات يصورها لنا العقل وفي هذه النقطة انقسم جمهور الفلاسفة إلى معارض و مؤيد للغة ومنهم من اتهمها بأنها قبور المعاني ، ولكن هل يجوز لنا اتهام اللغة بأنها تعرقل الفكر ؟ وهل يمكننا أن نفصل اللغة بكل بساطة عن الفكر وبعبارة أوضح  ما مدى تأثير اللغة في الفكر ؟

التوسيع:

 القضية : اللغة تعرقل الفكر ـ الاتجاه الثنائي ـ    يرى معظم الفلاسفة الحدسيين أمثال الفيلسوف الفرنسي  بروغسون أن عدم التناسب بين ما تملكه من  الأفكار وما تملكه من ألفاظ يعود إلى ما يلي : ـ الفكر متقدم عن اللغة ويظهر ذلك من توقف المتكلم أو الكاتب عن الحديث أو الكتابة وترددها بحثا عن اللفظ أو العبارة المناسبة لأداء المعنى المقصود .  ــ  تجاوز الفكر بدلالة اللفظ إذ اللفظ لا يعبر إلا على تعارف المجتمع وتبقى جوانب كثيرة مما يجده الإنسان في نفسه من المعاني يصعب التعبير عنها.  ــ الفكر متصل والألفاظ منفصلة ألأمر الذي  يجعل اللغة قابلة للتحليل أو التركيب ثم إن الألفاظ جامدة و ثابتة إذا أقيست بتطور المعاني وبتبدلها من وقت إلى أخر وعلى هذا يصعب التعبير بواسطة هذه الألفاظ عن الحياة الفكرية الباطنية تعبيرا دقيقا لأن عالم الأفكار عالم متصل و عالم منفصل .  ـ فاللغة كما يلاحظ جسبرين  بمفرداتها و صيغتها الثابتة قد أجبرت الفكر على أن يسلك سبلا مطروقة حتى أنهم والى اختفاء الأولين و آل بهم الأمر إلى أن كان تفكيرهم أشبه ما يكون بتفسير ما سبقهم . والفكر فيض من المعاني المتصلة في تدفق لا تسعه الألفاظ وهذا ما يجعل اللغة تعرقل الفكر  لأنها تقيده وتجمد حيويته حتى قيل  "الكلمات قبور المعاني"  ثم التوازي أو التداخل الذي تتميز به العلاقة بين الفكر واللغة ليست في الواقع مطلقا فاللغة عبارة عن رموز اصطلاحية  و نوصف بأنها  اجتماعية عامية في حين أن التفكير يتسم قبل كل شيء بالخاصية الذاتية  فهو انعكاس لشخصية الفرد . 

 مناقشة :

صحيح إن الإنسان أحيانا يتوقف بل يعجز عن التعبير عما يريد لكن هذا لا يعني استقلالية الفكر عن اللغة كما ذهب إليه بعض الحدسيين ولا تثبته للواقع إذن كيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا إدراجها في قوالب لغوية.  

نقيض القضية : اللغة تساعد الفكرــ الاتجاه الأحادي  ــ   يذهب فلاسفة اللغة إلى  القول أن اللغة هي الوعاء الذي تصب فيه الأفكار وأكدوا على وجود وحدة عضوية بين اللغة و الفكر وحججهم في ذلك ما يلي : ـ لا وجود لمعنى إلا إذا تميز عن غيره من المعاني، لا يكون التمايز إلا بعلامة يدركها الإنسان سواء بالتعبير عنها أو بالإشارة إليها مما يسمح للغة بإدراكها .  ــ لقد كشف علم النفس في تكوين المعاني لدى الأطفال مع اكتسابهم للغة وفقدان اللغة يلازمه اختلال في المقومات الذهنية ، ودلت التجارب أيضا على أن الطفل يتعلم الألفاظ ويرددها قبل أن يعي أي يردد الكلمات قبل الأفكار ويقول كوثدياك المعاني المجردة تولد من الحواس ومعنى ذلك أن كل فكرة وصورة أصلها اللفظ أو الاسم الذي يلقيانه بواسطة الحواس .

إذا افتراضا نظريا وجود معاني متوجة في تدفق يبقي هذا الافتراض خياليا إذ لا يكون لهذه المعاني وجود واقعي ما لم تحددها ألفاظا تلبسها حلة اجتماعية فالإنسان لا يمكن أن يتصور بوضوح إلا ما انتظم في نسق من الألفاظ والرموز المكتسبة وهو يسمي الأشياء المعروفة  .... 

فيتميز باعتبارها الأشياء التي لا يعرف لها اسما وبهذا يتأكد التلاحم بين الأفكار و الألفاظ  فلا لغة بدون فكر ولا فكر بدون لغة .

ــ يقول الفيلسوف الأ نجليزي هاملتون "أن المعاني شبيهة بشرار النار لا تومض إلا لتغيب ولا يمكن إظهارها وتثبيتها إلا بالألفاظ   فالألفاظ حصون المعاني"  كما شبه  ماكس مولر التداخل بين الفكر واللغة بالقطعة النقدية حيث قال :  "ليس ما ندعوه فكر إلا وجه  من وجهي القطعة النقدية والوجه الأخر هو الصوت المسموع والقطعة شيء واحد غير قابل للتجزئة"  كما يشير  ما رلوبالتي أيضا "إن الفكر لا يوجد خارج الكلمات أما في نظر ولسن أن التفكير بدون لغة كالقلم بدون حبر" ، فنقول إن الفكر بالنسبة للغة كالروح بالنسبة للجسد . مناقشة : إن عالم العواطف والمشاعر يحتاج إلى لغة خاصة وقد تعجز اللغة في كثير من الأحيان عن التعبير عن أفكارنا كما ذكر لنا برغسون.

 التركيب : اللغة هي الوسيلة الأساسية لنقل أفكارنا إلى غيرنا ولولاها لضاع تراث البشرية والأفكار لا تتضح إلا باللغة فهي تضع الفكر في الوقت الذي يضعها الفكر كما قال دولاكرون   لذا بقيت بعض المعاني الروحية أوسع من الفكر فان ذلك يشكل حافزا للعلماء واللغويين في أن يبعثوا أكثر ويبدعوا ألفاظ جديدة تسع عالم الروح والعواطف إن استطاعوه إلى ذلك سبيلا . 

الخاتمة : إذا كانت اللغة تعبر حقا إلا على القليل من مضمون الفكر فلا ينبغي رفضها لأن الفكر بأوسع معانيه بحاجة إليها فهي بالنسبة إليه أداة توضح وتنظم ، فالعجز الذي يصيب اللغة لا يجب أن يوحي برفضها كوسيلة للتواصل ، إن التخلي عنها يعني إنكار الفكر . 


-----------

السؤال : هل يمكن التفكير بدون لغة؟

إن علماء النفس يطلقون معنى اللغة على مجموع الإشارات التي يعبر بها عن الفكر، فنحن عندما نتحدث مع الغير فانه منالواضح أننا ننطق بألفاظ نرتبها حسب المعنى، و عندما نتحدث لأنفسنا لا ننطق بألفاظ ولكننا نرتب المعاني حسب المعنى ،وعندما نتحدث لأنفسنا لا ننطق بألفاظ ولكننا نرتب المعاني حسب الصورة المنطوقة مما يبدو معه أن كل تفكير يحتاج إلى تعبيروأن كل تعبير يحتاج إلى تفكير، إلاّ أن مسألة اللغة والفكر ظلت موضع سوء تفاهم بين الفلاسفة والعلماء فهل يمكن قيام فكر بدون لغة ؟ بمعنى آخر هل اللغة والفكر منفصلان عن بعضهما أم أنهما مظهرين لعملية نفسية واحدة ؟ 

اللغة والفكر منفصلان عن بعضهما يذهب أصحاب الاتجاه الثنائي إلى التمييز بين اللغة والفكر ، ويفصلون بينهما فصلا واضحا، ويعتبرون أن الفكر سابق عن اللغة وأوسع منها ، لأن الإنسان يفكر بعقله أولا ثم يعبر بلسانه ثانيا ، لذلك قد تتزاحم الأفكار في ذهن الإنسان ولكنه يعجز عن التعبير عنها مما يجعل اللغة عائقا للفكر ولعل هذا ما يفع بالإنسان إلى الاستعانة بالإشارات لتوضيح أفكاره أو اللجوء إلى وسائل بديلة للتعبير اللغوي كالرسم والموسيقى وغيرهما . وهذا ما أكده )برغسون( حين قال : } اللغة عاجزة عن مسايرة ديمومة الفكربمعنى أن تطور المعاني أسرع من تطور الألفاظ ، فالمعاني بسيطة متصلة بينما الألفاظ مركبة منفصلة ، ويقول فاليري :أحد الشعراء الفرنسيين  }أجمل الأفكار هي تلك التي لا نستطيع التعبير عنها { . بمعنى أن اللغة عاجزة عن إبراز المعاني المتولدة عن الفكر إبرازا كاملا ، فلا يمكنها أن تجسد كل ما يختلج في نفس الإنسان . وهكذا فالنتيجة التي ينتهي إليها أصحاب الاتجاه الثنائي أن الفكر واللغة منفصلات عن بعضهما فالقدرة على التفكير لا تعني بالضرورة القدرة على التعبير مما يؤدي إلى عدم التناسب بين القدرة على الفهم والقدرة على التعبير .

لكن الإنسان يشعر بأنه يفكر ويتكلم في آن واحد ، والواقع يبيّن أن التفكير لا يتم بدون لغة . فالفكر بدون لغة مجرد شعور .لا يمكن الفصل بين اللغة والفكر يذهب أصحاب الاتجاه الواحدي إلى عدم التمييز بين اللغة والفكر فهم يفصلون بينهما ولا يرون وجود فرق بينهما بل يرون أنه لا يمكن أن يوجد فكر بدون لغة ، كما لا توجد لغة من دون فكر . فاللغة ليست مجرد أداة للتبليغ والتعبير بل هي الأساس الذي يقوم عليه التفكير ومن بين الفلاسفة الذين يؤكدون على وجود وحدة عضوية بين اللغة والفكر 'الفيلسوف الألماني هيغل' الذي يرى أن الكلمة تعطي للفكر وجوده الأسمى وأن الرغبة في التفكير بدون كلمات لمحاولة عديمة المعنى ، كما أن اللغة عند  'جون لوك' هي علامات حسية تدل على الأفكار الموجودة في الذهن ، وهذا يعني أن هناك تطابقا بين الفكرة ودلالة الألفاظ . كما يقول ستالين "مهما كانت الأفكار التي تجيء إلى فكر الإنسان فإنها لا تستطيع أن تنشأ وتوجد إلاّ على مادة اللغة " وقد أشار)أرسطو( إلى هذا بقوله : } ليست ثمة تفكير بدون رموز لغوية { . وهكذا فإن أصحاب الاتجاه الواحدي يخلصون إلى نتيجة مفادها أن اللغة والفكر كل موحد وأن العجز الذي توصف به اللغة فهو عجز في التفكير وأن عدم التناسب بين القدرة على الفهم والقدرة على التبليغ يعود إلى عجز المتكلم عن إيجاد الألفاظ المناسبة للفكرة .

لكن الإنسان يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر ، فالأدباء على الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة يعانون من مشكلة التعبير والتبليغ كما يشعر الإنسان أيضا بخطورة اللغة على الفكر أحيانا مثلما في سوء التفاهم . لا فكر بدون لغة ولا لغة بدون فكر لقد حاول الكثير من الفلاسفة من خلال آرائهم التوفيق بين الفكر واللغة ، فلا فكر بدون لغة ولا لغة بدون فكر ، وقد عبر عن هذا التلاحم بين اللغة والفكر 'ميرلوبونتي' بقوله :"إن الفكر لا يوجد خارج الكلمات" . بينما يقول 'دولاكروا' "اللغة تصنع الفكر و الفكر يصنع اللغة"  وهكذا يبقى على الإنسان الاعتناء بلغته وتطويرها حتى تتمكن من مواكبة الفكر واللحاق به فاللغة السليمة تعبر بصدق عن الفكر . 

الخاتمة: نستنتج مما سبق أن اللغة والفكر شيئان متداخلان ومتكاملان ، وإن كانت بينهما أسبقية فهي منطقية لا زمنية ، وإن كان بينهما تمييز فهو نظري لا مادي وقد عبر عن هذه العلاقة )هاملتون( بقوله : } إن المعاني شبيهة بشرار النار لا تومض إلاّ لتغيب فلا يمكن إظهارها وتثبيتها إلا بالألفاظ كما يقول زكي نجيب محمود "الفكر هو التركيب اللفظي أو الرمزي لا أكثر ولا أقل"  وعليه فكل تفكير يتطلب لغة.




الاحساس والادراك فلسفة مقالات + فيديو

0
الادراك والاحساس: 

هل الادراك هو محصلة للنشاط العقل ام هو تصور لنظام الاشياء؟ كيف يمكن ادراك الاماكن البعيدة ؟


 مقدمة: باعتبار الانسان كائنا مدركا للاشياء المحيطة به فهو يدركها ادراكا ممباشرا عن طريق التصورات الذهنية عبر الحواس غير اننا نلاحظ أن في العالم اشياء مادية منفصلة عن ذواتها وللانسان معرفة مسبقة لانه مرتبط بنفس ولكن كيف يتم لنا ادراك عالم موضوعي منفصل عن ذواتنا ؟ 

  نميز بين الافكار التى هي احول نفسية موجودة في الذات وبين الاشياء المادية والتي هي امتدادات موجودة خارج الذات ومادام مجرد حالة ذاتية غير ممتدة فان ادراك شيء ما يكون بواسطة احكام على الشيء وبخائصه وصفاته وكيقفياته كما هو عليها وعلى هذا يكون الدرالك عملية عقلية بحتة و الدليل على ذلك هو ادراك البعد الثالث الذي لا يقابله أي انطباع حسي ببحيث يستطيع ادراكه من خلال رسومات على لوح مسطح لا يوجد فيه عمق الا ان العقل يستطيع ادرا كاه بوضوح ويدعمراي ديكارت وراي كانط الذي يرى ان فكرة المكان لا تتولد من التجربة الحسيةوامنا هبي تصدر عن الذات المدركة( العقل)، فالمكتن و الزمان قالبان عقليان سابقان على التجربةتصب فيهما معطيات التجربة الحسية وبواسطتها تصبح الاشياء الحسية قابلة للادراك فلاقيمة للمؤثرات الحسية على مشتوى الصور الذهنية ودليل كانط هو اننا عاجزون عن تصور أي شيء الا اذا ارصفناه في المكان كما لا نتمكن من ادراك حادثة ما الا اذا تصورنا حدوثها من خلال زمن معين ثم اننا نستطيع تصور زوال الاشياء من المكان ولمكننا لا نستطيع تصور زوال المكان من الاشايء لان الحيز المكاني يرجع في اصله الى اسس عقلية ، وقد ادى راي العقلانيون موقف باركلي جورج الذي يرى ان( تقدير مسافة الأشياء البعيدة ليس إحساسا بل حكما ستند إلى التجربة) وقد استمد هذه الفكرة من حالة العمال الذي يسترد بصره كما يرى اننا لاندرك الاشياء كما تعطيها لنا الحواس ومن ذلك ادركنا للمكعب منخلال رؤيته ثلاثة وجوه وتسعة اضلاع فالمكعب معقول وليس محسوس. نقد " ومن هذا فاننا ندرك ما للعقل من دور هام في ادراك المكان ولكن لاينبغي اهمال دور الحواس او التجربة الحسية طالما ان الاشياء مستقلة عن ذواتها ق2 وخلافا لهذا الراي الجشطالتية ترى ان العقلانيون قد بالغو في ثقتهم بالعقل واهملوا دور الحواس لان ادراك المكان لا يستغنبي عن الحواس مادمت المعطيات الحسية منفصلة عنا فادراك البعد الثالث يتعذر اذا لم نهتم بطبيعىة الشيء في العالم الخارجي الذي تنقله الحواس كما ان العقل يتاثر بالخداع الحسي ويرجع هذا الى ان التغيرات الحسية تؤثر على الحكام العقلية وبالاضافة الى هذا فان مدرسة الجشطالت ترفض التميز بين الحساس والادراك وترى ان الدراكيتم دفعة واحدة ويكون بصورة عامة للاشياء قبل اجزائها بفضل ماتتمتع به من عوامل موضوعية كاتشابه والتقارب كما ترى هذه النظرية صور لاصناف على المعطيات الحسية بل تكون محايدة لها كما تنكر دون التجربة التي ركز عليها بريكلي ذلك ان الطفل يستطيع مسك الاشياء تحت توجيه النظر.

نقد: ومن هذا نجد ان الحسيون قد وقعو في الخطا نفسه الذي وقع فيه العقلانيون باعادة الاعتبار للحواس لا ينبغي ان يكون على حساب العقل 

خلاصة: ومن خلال اطلاعنا على المواقف ندركان هذه المواقف قد مزقت مفهوم الدراك زبذلك فان الدراك يكمن في البط بين العقل والحواس لان الحكم العقلي مرتبط بالتجربة الحسية والعكس صحيح
 ------------ 

 السؤال : هل يمكن الفصل بين الإحساس و الإدراك ؟



 الإحساس ظاهرة نفسية متولدة عن تأثر إحدى الحواس بمؤثر ما، وبذلك فهو أداة اتصال بالعالم الخارجي ووسيلة من وسائل المعرفة عند الإنسان بينما الإدراك هو عملية عقلية معقدة نتعرف بها على العالم الخارجي بواسطة الحواس ومن خلال تعريفهما تظهر العلاقة القائمة بينهما و التقارب الكبير الذي يجمعهما مما أثار إشكالا لدى الفلاسفة وخاصة علماء النفس حول إمكانية الفصل بينهما أو عدمه، بمعنى إن شعور الشخص بالمؤثر الخارجي و الرد على هذا المؤثر بصورة موافقة هل نعتبر إحساس أم إدراك أم أنهما مها يشكلان ظاهرة واحدة ؟ إمكان الفصل بين الإحساس و الإدراك . يؤكد علم النفس التقليدي على ضرورة الفصل بين الإحساس و الإدراك و يعتبر الإدراك ظاهرة مستقلة عن الإحساس انطلاقا من أن الإحساس ظاهرة مرتبطة بالجسم فهو حادثة فيزيولوجية ومعرفة بسيطة، أما الإدراك فهو مرتبط بالعقل. أي عملية معقدة تستند إلى عوامل كالتذكر و التخيل و الذكاء و موجه إلى موضوع معين. فيكون الإحساس معرفة أولية لم يبلغ بعد درجة المعرفة بينما الإدراك معرفة تتم في إطار الزمان و المكان. حيث يقول (ديكارت) : " أنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني ". ويقول (مين دوبيران) Maine de Biran: " الإدراك يزيد على الإحساس بأن آلة الحس فيه تكون أشد فعلا و النفس أكثر انتباها....".
 و كما يختلف الإدراك عن الإحساس فكذلك يختلف عن العاطفة لأن الإدراك في نظرهم حالة عقلية و العاطفة حالة وجدانية انفعالية . لكن إمكانية الفصل بيم الإحساس و الإدراك بشكل مطلق أمر غير ممكن باعتبار أن الإدراك يعتمد على الحواس. حيث قال (التهانوي) :" الإحساس قسم من الإدراك " وقال (الجرجاني) : " الإحساس إدراك الشيء بإحدى الحواس " . استحالة الفصل بين الإحساس و الإدراك . يؤكد علم النفس الحديث على عدم إمكانية الفصل بين الإحساس و الإدراك كما أن الفلسفة الحديثة تنظر إلى الإدراك على أنه شعور بالإحساس أو جملة من الاحساسات التي تنقلها إليه حواسه، فلا يصبح عندها الإحساس و الإدراك ظاهرتين مختلفتين و إنما هما وجهان لظاهرة واحدة، ومن الفلاسفة الذين يطلقون لفظ الإحساس على هذه الظاهرة بوجهيها الانفعالي والعقلي معا (ريد)Reidحيث يقول :"الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه ". بينما يبني الجشطالط موقفهم في الإدراك على أساس الشكل أو الصورة الكلية التي ينتظم فيها الموضوع الخارجي، فالجزء لا يكتسب معناد إلا داخل الكل. فتكون الصيغة الكلية عند الجشطالط هي أساس الإدراك. فالإدراك يعود إلى العوامل الموضوعية. فالصيغ الخارجية هي التي تفرض قوانينها علينا و تؤثر على إدراكنا، وبذلك فهي تحد من قدراتنا العقلية. وعلنية فالإدراك ليس مجموعة من الاحساسات و إنما الشكل العام للصورة هو الذي يحدد معنى الإدراك. فالثوب المخطط عموديا قد يزيد من أناقة الفتاة، وذات الثوب بخطوط أفقية قد يحولها إلى شبه برميل.لكن رد الإدراك بشكل كلي إلى الشكل الخارجي أمر لا يؤكد الحالة النفسية للإنسان فهو يشعر بأسبقية الإحساس الذي تعيشه الذات كما أن رد الإدراك إلى عوامل موضوعية وحدها، فيه إقصاء للعقل و لكل العوامل الذاتية التي تستجيب للمؤثر. و إلا كيف تحدث عملية الإدراك؟ ومن يدرك ؟ الإدراك ينطلق من الإحساس و يتجه نحو الموضوع . إن الإدراك عملية نشيطة يعيشها الإنسان فتمكنه من الاتصال بالموضوع الخارجي أو الداخلي، وهي عملية مصحوبة بالوعي فتمكنه من التعرف على الأشياء. 
و الإدراك يشترط لوجوده عمليات شعورية بسيطة ينطلق منها. و هو الإحساس ، بكل حالاته الانفعالية التي تعيشها الذات المدركة، و وجود الموضوع الخارجي الذي تتوجه إليه الذات المدركة بكل قواها و هو ما يعرف بالموضوع المدرك. إن الاختلاف بين علم النفس التقليدي الذي يميز الإحساس و الإدراك، و علم النفس الحديث الذي لا يميز بينهما باعتبار أن العوامل الموضوعية هي الأساس في الإدراك يبقى قائما. غير أن التجربة الفردية تثبت أن الإنسان في اتصاله بالعالم الخارجي و في معرفته له ينطلق من الإحساس بالأشياء ثم مرحلة التفسير و التأويل فالإحساس مميز عن الإدراك ليسبقه منطقيا إن لم يكن زمنيا.